linkedin twitter facebook github pinterest left right up down youtube instagram email menu close

الثلوج تحاصر مخيمات في ريف عفرين…والأمطار تغرق مخيمات شمالي إدلب

الحل الجذري والوحيد لمأساة المهجرين في مخيمات شمال غربي سوريا يكون في توفير الأمان للعودة إلى مساكنهم ومحاسبة نظام الاسد وعندها تتضاءل الحاجة للدعم الإنساني والإغاثي

ضربت عاصفة مطرية وثلجية مناطق شمال غربي سوريا مساء الثلاثاء 18 كانون الثاني وفجر اليوم الأربعاء، وأدت لانقطاع العديد من الطرق ومحاصرة مخيمات في ريف حلب الشمالي وغرق مخيمات في ريف إدلب الشمالي، مخلفة أضراراً مادية في أكثر من 72 مخيماً، تضررت فيها 1900 خيمة بشكل جزئي، و920 خيمة بشكل كلي، كانت تقطن في هذه الخيام نحو 2250 عائلة.

ونزحت مئات العائلات خارج خيامها، في مأساة تتكرر كل عام في فصل الشتاء، لتتحول الأمطار والثلوج والتي لطالما كانت مصدراً للفرح والبهجة، إلى كابوس يلاحق السوريين ويفاقم معاناتهم.

وأدت الثلوج التي تساقطت بشكل غزير على منطقة عفرين وريفها الشمالي إلى قطع الطرق عن بلدات وقرى شران وبلبل والمخيمات المحيطة بها، بالإضافة لقرى ماتلي وسنكرلي ومشعلة وحلوبي كبير وحلوبي صغير وميدانكي وكوتالي واليابسة والزعرة وقسطل مقداد بمسافة تقدر بنحو 60 كم.

الثلوج الكثيفة التي تراوحت سماكتها في ريف عفرين بين 30 سم و50 سم حاصرت مخيمات عشوائية في مناطق شران وبلبل وراجو في ريف عفرين، ومخيمات يازيباغ وشمارين وعرب غويران قرب اعزاز، في ريف حلب الشمالي، واستجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 57 مخيماً أغلبها عشوائي، تضررت فيها 160 خيمة بشكل كامل، و1300 خيمة بشكل جزئي، ويبلغ عدد العائلات المتضررة جراء الثلوج في ريف حلب الشمالي أكثر من 1250 عائلة، وبعد أكثر من 15 ساعات من العمل المتواصل تمكنت فرقنا من الوصول للعائلات المحاصرة في المخيمات، وأعادت فتح الطرقات المقطوعة، كما تم إجلاء العديد من ساكني الخيام ممن تضررت خيمته ونقلهم إلى مكان آمن.

أضرار العاصفة الثلجية لم تقتصر على المخيمات وامتدت إلى المدن والبلدات وأدت لانهيار واجهات محلات تجارية وأعمدة كهرباء وسقوط أشجار في راجو وشران وبلبل وبلدات أخرى، وعملت فرق الدفاع المدني السوري طوال الليل لفتح الطرق المغلقة لتسهيل حركة المدنيين.

وينعكس انخفاض درجات الحرارة بشكل مباشر على النازحين في المخيمات، لاسيما على الأطفال وكبار السن، فالخيام القماشية لا تمنع البرد والصقيع، كما أن عدم عزل الخيام والأرض الطينية تزيد من البرودة، فيما تغيب التدفئة المناسبة بسبب تردي أوضاع النازحين المعيشية، و يضطرون لاستخدام مواد غير صحية في التدفئة كالنايلون والأحذية المستعملة.

وفي ريف إدلب الشمالي هطلت أمطار غزيرة أدت لتشكل السيول وتجمع الأمطار في الأماكن المنخفضة ما خلف أضراراً بـ 15 مخيماً في مناطق أطمة وسرمدا في ريف إدلب الشمالي، وقطع الطريق عن بعضها، وتضررت أكثر من 760 خيمة بشكل كلّي (دخلت إليها المياه أو غمرتها) فيما تضرر نحو 600 خيمة بشكل جزئي (أحاطت بها المياه أو تسربت بشكل جزئي إلى داخلها)، ويقدر عدد العائلات التي تضررت بأكثر من 1000عائلة.

استجابت فرق الدفاع المدني السوري لتلك المخيمات وقامت بفتح مجاري لتصريف مياه الأمطار لإبعاد المياه التي حاصرت الخيام، ونقل العائلات التي تعرضت لغرق خيامها إلى خيام أخرى بذات المخيم أو إلى أقرباء لتلك العوائل في مخيمات أخرى، كما تم جرف الطين وفتح الطرق لتلك المخيمات.

وتعرضت مناطق شمال غربي سوريا هذا الشتاء لعدة عواصف مطرية كان آخرها في 20 كانون الأول أدت لأضرار في حوالي 132 مخيماً غرق فيها حوالي 1250 خيمة بشكل جزئي أو كلي والتي استجابت لها فرق الدفاع المدني السوري فقط، ولكن المأساة أكبر بكثير والاحتياجات في تلك المخيمات وخصيصاً العشوائية منها، تفوق قدرة المنظمات العاملة على الأرض، وتبقى جميع الاستجابات إسعافية لا يمكنها أن تحل المشكلة بشكل كامل ويبقى الخيار الأمثل هو عودة المدنيين إلى ديارهم التي هجرهم منها نظام الأسد وروسيا.

على مدى عشر سنوات تتكرر معاناة السوريين في المخيمات، العواصف الثلجية تدمر الخيام وتحاصر المخيمات وتمنع وصول الطعام والماء لها، والأمطار الغزيرة تغرق تلك الخيام، فيما يبقى العالم ينظر إلى مأساة المدنيين دون أي تحرك لإنهائها، والتي يجب أن تبدأ بمحاسبة المجرمين ممن هجر هؤلاء المدنيين وقصفهم، ثم إجراء حل سياسي يضمن عودة النازحين واللاجئين بشكل آمن إلى قراهم ومنازلهم.

المأساة التي يعيشها النازحون لا يمكن حلها عبر تقديم الخدمات للمخيمات ولا بناء مخيمات إسمنتية فمعاناتهم أعمق من مجرد السكن، كما أن توطين النازحين في المخيمات ليس بحل، وهو انتقاص من حق المدنيين في العيش الآمن في منازلهم، إنما الحل الجذري والوحيد يكون في توفير الأمان للمدنيين للعودة إلى مساكنهم وعندها تتضاءل الحاجة للدعم الإنساني والإغاثي.

إن المجتمع الدولي مطالب بالضغط على النظام وروسيا، وعدم الاكتفاء بالتعامل مع معالجة بعض النتائج الكارثية للتهجير دون إنهاء المشكلة ومحاسبة النظام على جرائمه وإعادة المهجرين والنازحين، وإيجاد حل سياسي وفق القرار 2254 يضمن العيش بسلام والعودة الآمنة لجميع المدنيين وينهي الآلام التي يعانيها السوريون في مخيمات القهر.

Test