linkedin twitter facebook github pinterest left right up down youtube instagram email menu close

في أواخر عام ٢٠١٢، بدأ النظام السوري في استخدام القصف الجوي شكلاً من أشكال العقاب الجماعي على الأحياء لم يعد تحت سيطرته.

وقد اقترن هذا القصف الجوي بسحب الخدمات التي تقدمها الدولة مثل الإطفاء والإسعاف في حالات الطوارئ وصيانة شبكات المياه والكهرباء. لقد كان ذلك أمراً أثبت أنه مزيج قاتل ضد المدنيين حيث دُمِّرَت مجمعات سكنية كاملة دون أن يهرع أحد لإنقاذ سكانها. وقد تشكلت الخوذ البيضاء استجابةً لهذه الحاجة.

لم نبدأ كمنظمة موحدة بل كانت جذورنا تكمن في العشرات من المبادرات التطوعية في مناطق مختلفة في جميع أنحاء البلاد. بدأ المئات من المتطوعين بالتجمع معاً، وفعلوا ما بوسعهم لمساعدة مجتمعاتهم في الاستجابة لعمليات القصف وحالات الطوارئ الأخرى.

فيما يلي قصص بعض من المؤسسين التي ستساعدكم في فهم كيفية توحيد المنظمة:

منير وحلب

منير رجل إطفاء من حلب. في عام ٢٠١٢ أمرت قيادة فوج الإطفاء في مدينة حلب منير وفريقه بعدم الاستجابة لحريق في منطقة ذات غالبية كردية خارج سيطرة النظام. ولأنهم ملتزمون بخدمة الناس، تحدّى منير وفريقه قيادتهم وذهبوا وأطفئوا الحريق.

لقد كانت تلك نقطة تحول بالنسبة لمنير وأعضاء فريقه الآخرين، فقد كانوا يعلمون أنهم برفضهم لأوامر رؤسائهم قد صاروا أعداءً للنظام، وأن حياتهم أصبحت في خطر. وفي اليوم نفسه، انشقوا وأنشأوا مركزاً للاستجابة لحالات الطوارئ لخدمة جميع السوريين. مع أنّ معداتهم كانت قليلة، إلّا أنّ خبرتهم ومهاراتهم مكنتهم من الشروع في الاستجابة لعمليات القصف وإنقاذ حياة الناس العالقين تحت الأنقاض. وهكذا كانت بداية أحد مراكز الدفاع المدني الأولى في حلب.

رائد، جسر الشغور

على بعد بضعة مئات من الكيلو مترات كان رائد يعمل بائعاً في إدلب. وفي عام ٢٠١١ اضطر إلى النزوح من سوريا وكرس وقته لجهود الإغاثة الإنسانية على الحدود السورية التركية. ثم بدأ تدريجيا العمل مرة أخرى داخل سوريا حيث ساعد في تأمين مأوى للنازحين داخليًا ونقل المدنيين المصابين لتلقي العلاج في تركيا. وسمع رائد، من خلال هذا العمل، سمع عن التدريب الذي قُدِّم في مجال الدفاع المدني وحضر إحدى الدورات التدريبية الأولى المقدمة في تركيا في عام ٢٠١٣.

وفي التدريب، أظهر خبراء البحث والإنقاذ لرائد الفرق الذي يمكن أن يحدثه هذا العمل في حياة المدنيين العالقين تحت أنقاض الغارات الجوية اليومية. إدراكًا منه لأهميته، استعمل رائد معارفه وخبراته لإنشاء مراكز الدفاع المدني في إدلب. وقد أُنشئ أول مركز منها في اليعقوبية في ريف جسر الشغور، ثم تلته المراكز في بنش ومعرة النعمان. وقد أسست مراكز الدفاع المدني في جميع أنحاء محافظة إدلب وذلك من خلال العمل مع المجالس المحلية.

عمار، السفيرة

كان عمار مدرساً للغة الإنجليزية من السفيرة وهي بلدة تقع في إلى الشرق من مدينة حلب ويسكنها نحو مائة ألف شخص. ردّ النظام رداً وحشيّاً على تحرير السفيرة في عام ٢٠١٢ – قاطعاً جميع الخدمات فترك سكانها يعيشون في ظلام دامس بدون كهرباء. وبدأت ميليشيات النظام المسلحة باختطاف أشخاص، وأغرقت كثير اً منهم في آبار المدينة.

في البداية، انضم عمار إلى جماعة مسلحة من السكان المحليين الآخرين لرد عدوان النظام على مجتمعهم؛ إلا إنه وعندما رأى العديد من يقتلون وغيرهم يعانون بسبب عدم وجود رعاية طبية، قرر عمار العمل على إنقاذ حياة الناس، وليس إزهاقها. وقد انتخب رئيساً للمجلس المحلي الذي شُكِّل حديثاً لتقديم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمساعدات الطبية الطارئة واستعادة جثامين الشهداء لدفنهم دفنًا لائقاً.

سقطت السفيرة في يد النظام في عام ٢٠١٤ مما أجبر عمار على الفرار إلى مدينة حلب القديمة حيث أسس مركزاً للدفاع المدني في باب النيرب. عرض السكان المحليون الإنضمام، وبدأوا العمل على توفير خدمات الإنقاذ والإمدادات والإطفاء للسكان. في شباط ٢٠١٤، تلقوا أولى دفعات الآليات والأدوات المهنية للمساعدة في عملهم.

في أوقات الحرب ، تنهار العديد من المؤسسات القائمة ، لذا تخيل مدى صعوبة بناء مؤسسة خلال أوقات الحرب؟ كانت العقبات التي واجهناها كبيرة جدا. حتى الآن ، نحن نعمل على تطوير وتحسين الدفاع المدني السوري.

منير مصطفى نائب مدير الدفاع المدني السوري

بحلول عام ٢٠١٣، بدأ العديد من مجموعات المتطوعين في سماع أخبار إلى بعضها البعض. وقد سررنا كثيراً بالعثور على أشخاص آخرين كانوا على بعد نحو ٥ كيلومترات منّا أو ربما على بعد ٥٠ كيلومتراً منّا، توحدهم جميعاً غاية واحدة وهي إنقاذ حياة الناس. بدأنا في تنظيم أنفسنا فزاد التنسيق بيننا. كما بدأت بعض الفرق في تلقي دورات تدريبية في أساليب البحث والإنقاذ من خبراء في تركيا والأردن وحصلنا على العتاد من مانحين دوليين.

بدأنا في عام ٢٠١٤ في مناقشة موضوع توحيد هذه الجهود بطريقة رسمية أكثر لتصير المنظمة منظمة واحدة تكرس عملها في إنقاذ حياة الناس في سوريا. في أثناء سعينا لتنظيم أنفسنا للتنسيق بصورة أفضل، تقطعت السبل بيننا مناطق مختلفة معزولة عن بعضها بسبب تغيير خطوط السيطرة: لم تتمكن الفرق الموجودة في الشمال من الوصول إلى تلك الموجودة في دمشق وريف دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة. لقد حاصرنا النظام في مناطق مختلقة فاستحال علينا جميعًا أن نلتقي في سوريا، لذا قررنا عقد الاجتماع الوطني الأول لنا في جنوب تركيا في ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٤. بعد يومين من الاجتماع، اتحدنا رسمياً في رؤيتنا لإنشاء مؤسسة إنسانية تخدم جميع السوريين. لقد جعلنا مهمتنا القيام بهذا العمل كمنظمة مستقلة وغير منحازة ولم نتعهد بأي ولاء لأي طرف في النزاع. اتفقنا على إدارة هذه المنظمة ديمقراطياً بقيادة منتخبة. لقد وقعنا ميثاق المبادئ وأنشئ الدفاع المدني السوري في ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٤.

وكان ذلك اليوم هو أفضل يوم في حياة الكثير من الذين كانوا متواجدين في تلك القاعة.

نظرة على أيامنا الأولى في العمل.

Test